حكاية كرم لا تنسى .. تعرف على نوع الطعام الذي أمتدحه خادم الحرمين الشريفين

الملك فهد بن عبدالعزيز
كتب بواسطة: مها البدوي | نشر في  twitter

 

في حكاية ترويها صفحات التاريخ عن العائلة المالكة السعودية، يروي الملك الراحل فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- قصةً استثنائيةً عن كرم بدوي شمالي، ترك في نفسه أثراً لا يُمحى.  


إقرأ ايضاً:حملة واسعة لإزالة العشوائيات في الدمام…إليكم التفاصيل توافد الحجاج من كل دول العالم…مسجد قباء تاريخ عظيم شاهد على الحضارة الإسلامية في المدينة

يقول الملك فهد:  

"سمعوا يا ربع، والله إني شرقت وغربت، وما في مكان زين في الدنيا إلا زرته، ولا طعام لذيذ إلا ذقته. أكلت في أشهر مطاعم أوروبا وأمريكا، لكن والله العظيم، إن ألذّ وجبة تذوقتها في حياتي كانت في بيت بدوي من أهل الشمال!"  

رحلة صعبة وضيافة غير متوقعة

كانت القصة في رحلة صيد (مقناص) بمنطقة حزم الجلاميد شمال المملكة، حيث هطلت أمطار غزيرة لثلاثة أيام متتالية، وتحولت الأرض إلى مستنقع. علقت السيارات، وتعذر نصب الخيام، فما كان من الملك فهد ورفاقه إلا أن بحثوا عن ملجأ.  

وبينما هم في هذه الحال، رصد أحد المرافقين بيت شعر بدوي خلف التلال، فاتجهوا إليه بعد أن انقسموا إلى مجموعتين: واحدة بقيت مع السيارات، والأخرى -وكانت تضم الملك وستة من رفاقه- سارت على الأقدام وسط الطين والبرد، وهم منهكون من التعب والجوع.  

لا تخبروهم أننا من الحكومة!

قبل الوصول، أوصى الملك رفاقه قائلاً:   "اسمعوا زين، لا أحد يقول 'يا طويل العمر' أو 'يا سمو الأمير'! نحن ضيوف ليل، ولا نريد إحراج البدو أو إثقال كاهلهم. قد يكونون في ضيق، ونخشى أن يتكلفوا فوق طاقتهم!"  

فأجابوا: "حاضرين يا أبو فيصل!" (الاسم الذي اختاره الملك للاختفاء).  

كرمٌ يُذهل الضيوف

ما إن وصلوا حتى استقبلهم رب البيت بحفاوة نادرة، وأجلسهم عند النار، وسقاهم القهوة والشاي المُحلّى بالزنجبيل، وهو يتحادث معهم عن المطر وأحوال البادية.  

وبعد قليل، انسرب الرجل بهدوء، ثم عاد بعد فترة حاملاً صينية كبيرة عليها ذبيحة كاملة وأرز مطبوخ بحليب ومرق اللحم! فاندهش الضيوف من سرعة التحضير وجودة الطعام، الذي وصفه الملك بأنه "ألذّ ما ذاقه في حياته!"  

بيتنا بيتكم!

أصرّ البدوي على ضيافتهم ليلتهم، فأعدّ لهم فرشاً دافئاً، وفي الصباح قدّم لهم فطوراً شهياً من خبز التنور الساخن، والحليب بالزنجبيل، والزبد والسمن.  

وعند الرحيل، ترك الملك تحت الفراش مبلغ 20 ألف ريال كمساعدة دون إحراجه، لكن الرجل لحق بهم مردداً:   "نسيتم أموالكم!" فأخبره الملك بحقيقته، قائلاً:   "هذه هدية، وأنت تستحق أكثر! أنا وزير الداخلية فهد بن عبدالعزيز، وهذا من حقك لكرمك."  

أنا من رعاياك!

تغير وجه البدوي من الخجل، وقال:   "يا طويل العمر، أبرك الساعات التي مرت ببيتي! أنا متروك بن حزام الكويكبي الرويلي، من رعاياك."  

ومنذ ذلك اليوم، ظل الديوان الملكي يصرف له راتباً سنوياً تقديراً لكرمه.  

هذه القصة ليست مجرد ذكرى، بل شهادة على أصالة الكرم السعودي الذي لا يعرف التكلف، ويجسد قيم الضيافة الأصيلة التي توارثتها الأجيال.

اقرأ ايضاً
الرئيسية | اتصل بنا | سياسة الخصوصية | X | Telegram